في 25 أبريل 2023.. علم الإمارات يصل إلى سطح القمر

يستعد المستكشف راشد للهبوط على سطح القمر غداً 25 أبريل عند الساعة 8:40 مساءً بتوقيت الإمارات، لتضع الإمارات بصمة تاريخية جديدة لها في قطاع الفضاء، حيث ستصبح في حال نجاح الهبوط، الدولة الرابعة عالمياً التي تصل إليه بعد الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومن المتوقع هبوط المستكشف راشد على الجانب القريب من القمر في موقع يُعرف باسم فوهة أطلس في ماري فريغوريس، فيما سيترقب العالم هذه اللحظة، التي تسعى فيها الإمارات لإنجاز مهمة فضائية نوعية جديدة بعد نجاح مهمة مسبار الأمل في الوصول إلى المريخ.

 

مناورات تحكم

وستقوم مركبة الهبوط اليابانية «هاكوتو – آر»، التي تحمل المستكشف راشد، في حوالي الساعة 7:40 مساءً من يوم غد 25 أبريل الجاري، بعدة مناورات للتحكم في المدار، من أجل الوصول إلى مدار دائري بطول 100 كيلومتر حول القمر، قبل بدء تسلسل الهبوط. وأثناء تسلسل الهبوط سيتم إطلاق نظام الدفع الرئيسي بالمستكشف للتباطؤ من المدار، باستخدام سلسلة من الأوامر المحددة مسبقاً، كما سيُعدل المستكشف موقفه، ويقلل من سرعته للقيام بهبوط سلس في منطقة «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» كموقع هبوط رئيسي.

وأعلن مركز محمد بن راشد للفضاء أن موعد الغد قابل للتغيُّر بحسب عمليات المهمة، وفي حال وقوع أي تغييرات في ظروف التشغيل، ستكون هناك مواقع وتواريخ بديلة، تم تحديدها في 26 أبريل الجاري والأول والثالث من مايو المقبل. من جهتها مرت المهمة بعد الانطلاق في ديسمبر الماضي بعدة مراحل أساسية، نفذت منها حتى الآن مرحلة الإطلاق والمدار المنخفض، ومرحلة الملاحة ووصول المستكشف للمدار، فيما يتبقى حالياً مرحلة إنزال المستكشف، وتشغيله، والتنقل على سطح القمر، ومرحلة بدء العمليات على السطح، ومرحلة السبات، وأخيراً مرحلة إيقاف العمليات.

هبوط آلي

وستتولى مركبة الهبوط هاكوتو-آر، التي طورتها شركة «آي سبيس اليابانية»، القيام بعملية الهبوط بنفسها على سطح القمر، حيث تقوم المركبة عبر اعتمادها على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، بحساب كيفية إطلاق المستكشف بطريقة تجعله يحافظ على مساره، إلى أن يصل للنقطة المحددة على سطح القمر، دون الانحراف بسبب احتمالية وجود صخور أو فوهات.

وتعد منطقة الهبوط «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس»، فوهة بركانية بارزة تقع في الجزء الشمالي الشرقي من القمر، فيما يتضاعف الجدار الداخلي لفوهة أطلس على شكل طبقات بحافة متدلية، مشكلةً حواف حادة على الفوهة، وبمجرد هبوط مركبة الهبوط على سطح القمر، تبدأ مرحلة الإنزال والتشغيل خلال مدة قدرها نحو 4 ساعات، والتي يتبعها اكتمال عملية الفحص ما بعد الهبوط وتشغيل المعدات وبدء جمع البيانات الأولية، أثناء عمليات إنزال المستكشف وتشغيله والقيام بعمليات السطح، وستكون مركبة الهبوط اليابانية على اتصال جيد بما يكفي مع الأرض عبر شبكة تتبع الفضاء الأوروبية (ESTrack)، بينما تعتبر عمليات فحص الاتصال جزءاً من تشغيل المعدات.

قيمة علمية

واختارت مهمة الإمارات لاستكشاف القمر منطقة «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» وفق معايير خاصة تضمن مناسبتها للمدار الذي تسلكه مركبة الهبوط اليابانية، فضلاً عن التوقيت الذي ستصل فيه إلى سطح القمر، والذي يجب أن يكون مع بداية إشراق الشمس، لضمان بدء ارتفاع درجات الحرارة ومناسبتها لبدء المهمة، فيما يعتبر هذا الموقع آمناً ويقدم قيمة علمية مهمة، حيث يمكن لفريق المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء توجيهه بحسب سهولة التضاريس وصعوبتها وأهمية المنطقة المراد استكشافها.

وبعد الهبوط بنجاح سيرسل المستكشف راشد إشارات تتيح للمهندسين وفريق العمليات في مركز محمد بن راشد للفضاء القدرة على تحديد ما إذا قام المستكشف بإتمام خطوات الإنزال والهبوط الرئيسية، حيث ستمكنهم الإشارة المرسلة من التأكد من جاهزية المستكشف لبدء عملية تشغيله.

مشروع وطني

ويشكل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر مشروعاً وطنياً أطلقه مركز محمد بن راشد للفضاء، ويتضمن تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي إلى سطح القمر، والذي أُطلق عليه اسم «راشد»، تيمناً بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني نهضة دبي الحديثة.

وصمم وطور المستكشف راشد، الذي يعد من بين أكثر المركبات تطوراً، سواعد مهندسين ومهندسات إماراتيين من فريق مركز محمد بن راشد للفضاء 100 %، فيما سيقوم المستكشف الإماراتي خلال مهمته بإجراء اختبارات علمية عديدة على سطح القمر، مثل الخصائص الحرارية لسطح القمر وتكوين تربة سطح القمر، والتي ستسهم في تمهيد الطريق نحو تحقيق البشرية المزيد من التطورات النوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات.

تطوير علوم

وحدد مركز محمد بن راشد للفضاء مجموعة من الأهداف العلمية للمستكشف راشد، التي تقود لتحقيق أهداف المهمة في تطوير العلوم الأساسية، ومنها الجيولوجيا، حيث سيختص المستكشف بدراسة خصائص تربة سطح القمر، وعمليات التحول، ونظام الأرض والقمر، كما سيعمل على دراسة بيئة البلازما وتفاعل التربة والغلاف الكهروضوئي، والشحنات على السطح، وانتقال جزيئات الغبار.

ويدعم المشروع عدداً من الأهداف العلمية في العلوم الهندسية ومواد الأجهزة التكنولوجية، المراد منها اختبار المواد في الموقع تحضيراً للمهمات المستقبلية، إلى جانب دعم الجوانب العلمية في مجال التنقل على سطح القمر، وعمليات المهمة والتخطيط، حيث حدد مركز محمد بن راشد للفضاء مجموعة من الأهداف العلمية للمستكشف راشد، التي تقود لتحقيق أهداف المهمة، والتي تشمل دراسة علم الصخور وجيولوجيا القمر، وتجربة كفاءة المواد للحماية من تربة سطح القمر، وجمع بيانات لتطوير تقنيات جديدة، وصولاً لدراسة الخصائص الحرارية لسطح القمر، ودراسة البلازما والغبار، إضافة إلى التقاط نحو 1000 صورة لتحليل بياناتها.

مركبة متطورة

ويعتبر المستكشف راشد من أكثر المركبات تقدماً وتطوراً التي تصل إلى سطح القمر، كونه يعتمد على ألواح الطاقة الشمسية، ويحمل 4 كاميرات تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا مجهرية، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر.

وسيعمل المستكشف «راشد» بالاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، خاصة أن مهمة الإمارات لاستكشاف القمر هي «يوم قمري واحد»، أي ما يعادل نحو 14 يوماً من مثيلاتها على كوكب الأرض، ولذلك فإن تمديد المهمة سيعتمد على كفاءة عمل الألواح الشمسية، خاصة أنه سيمر بفترة سكون خلال الليل، والتي تصل درجات الحرارة فيها إلى سالب 173 درجة مئوية، وهو الأمر الذي قد يؤثر على كفاءة بطاريات المستكشف.

تجربة أولى

وسيختبر المستكشف أجهزة ومعدات تقنية تتم تجربتها للمرة الأولى، بهدف تحديد مدى كفاءة عملها في بيئة القمر القاسية، واختبار قدرات الإمارات قبل الانطلاق في مهمات استكشافية مأهولة إلى المريخ. وخلال فترة التجربة سيقوم المستكشف بجمع البيانات المتعلقة بمختلف المستهدفات والاستفسارات العلمية.

ويحمل المستكشف نظاماً لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكلاً متيناً لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة، وسيقوم المستكشف الإماراتي خلال مهمته بإجراء اختبارات علمية عدة على سطح القمر تسهم في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات، فيما لا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره إلى العديد من القطاعات الأخرى، كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات، وغيرها من القطاعات ذات الصلة.